-->

"التيار الدائري للاقتصاد الإسلامي: كيف تعمل القطاعات الاقتصادية في ظل القيم الأخلاقية؟"تجارة الأزهر بنات - الفصل الثاني ج 3

التيار الدائري للنشاط الاقتصادي في الإسلام والأخلاق والقيم الحاكمة للسلوك الاقتصادي

مقدمة

يتميز الاقتصاد الإسلامي بوجود ضوابط أخلاقية وقيمية تحكم سلوك الأفراد والمؤسسات في النشاط الاقتصادي، مما يضمن تحقيق التوازن بين المصالح المادية والروحية. ويتكون التيار الدائري للنشاط الاقتصادي الإسلامي من ثلاثة قطاعات رئيسية تتفاعل فيما بينها وفق ضوابط شرعية وأخلاقية.


القطاعات الرئيسية في التيار الدائري للنشاط الاقتصادي الإسلامي


            التيار الدائري للنشاط الإقتصادي و الاخلاق والقيم الاسلامية التي تحكم السلوك الاقتصادي | إقتصاد إسلامي ثانية تجارة الأزهر بنات


  1 .  القطاع العائلي (الأسر والأفراد) و هو ممثل بالمستطيل على اليمين 


·        دوره: يمتلك عوامل الإنتاج (الأرض، العمل، رأس المال) وينفق دخله على شراء السلع والخدمات أو يدخر جزءًا منه.


·       التفاعل مع القطاعات الأخرى:

o     يقدم عوامل الإنتاج لقطاع الأعمال مقابل عوائد مالية (إيجار، أجر، أرباح).

o   يحصل على السلع والخدمات من قطاع الأعمال.

o      يستفيد من الخدمات الحكومية مثل المشروعات العامة والضمان الاجتماعي.

  2 .   قطاع الأعمال (المنتجون والتجار) و هو ممثل بالمستطيل على اليسار 

·              دوره: يستخدم الموارد المتاحة لإنتاج السلع والخدمات وبيعها للأفراد والمؤسسات.

·       التفاعل مع القطاعات الأخرى:

o       يوفر السلع والخدمات للقطاع العائلي مقابل إنفاق استهلاكي.

o      يتلقى الدعم والخدمات من الحكومة مثل البنية التحتية (طرق، كهرباء، مياه).

 . 3  القطاع الحكومي (الدولة) و هو ممثل بالمستطيل بالوسط 

·      دوره: يجمع الإيرادات العامة (مثل الزكاة والضرائب الشرعية) وينفقها على المشروعات التي تخدم المجتمع.


·      التفاعل مع القطاعات الأخرى:

o      يوفر الخدمات العامة والبنية التحتية للقطاع العائلي وقطاع الأعمال.

o     يضمن التكافل الاجتماعي من خلال توفير السلع الأساسية عند عجز السوق ، أي أنه يحقق منافع إجماعيه كبيرة لا يمكن توافرها من خلال آلية السوق

يعمل هذا التيار وفقا للتدفقات التالية :

*القطاع العائلي

-  يمد القطاع العائلى قطاع الأعمال : بعوامل الإنتاج (ارض ، عمل، رأس المال ) ويحصل في مقابلها على عوائد عناصر الإنتاج (ايجار ، اجر ، عائد على رأس المال).

*قطاع الأعمال

- يمد قطاع الأعمال القطاع العائلي : بالسلع والخدمات ويحصل مقابل ذلك على إنفاق استهلاكي.

*القطاع الحكومي:-

أ- يمد قطاع الحكومة القطاع العائلي: بالمشروعات العامة التي يحتاج اليها المجتمع الاجتماعي،

- توفير السلع الضرورية في حالة عجز جهاز السوق عن توفيرها و كل ما يحقق التكافل والضمان، ويحصل من القطاع العائلي على الموارد (إيرادات عامة ) التي يحتاج اليها لإقامة المشروعات.

ب- يمد قطاع الحكومة قطاع الاعمال: بالمشروعات الخدمية التي يحتاج اليها من طرق و كهرباء و مياه ، ويقدم الاعانات لقطاع الاعمال لدعم عدد من المشروعات التي تلعب دور هام وحيوي في الاقتصاد، ويقوم بتحصيل الإيرادات العامة

*هناك نقطة هامة ينبغي الاشارة لها أن الاقتصاد الإسلامي معْنِي (أي يهتم) بالإنتاج القيمي ، أي أن يكون للإنتاج قيمة مادية ونفعية لأفراد المجتمع.

 وفي ذات الوقت يراعي القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع وألا يكون بغرض التباهي والتفاخر والتعالي على الناس وظلمهم والبطش بهم قال تعالى: في " كَذِّبَتْ عَادَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ ألا تلقون إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أخر إن أخرى إلا على رَبِّ العالمين أتبنون بكل ربع آيَةً تَعْبُثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذا بَطْشتُم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الَّذِي أَمدُكُم بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدكُم بِأَنْعَامِ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْم عظيم ) الشعراء ١٣٥ - ١٢٣

 


الأخلاق والقيم الإسلامية الحاكمة للسلوك الاقتصادي


أولًا: ضوابط تحكم سلوك الوحدات الاقتصادية ( منتجين و مستهلكين)

1.      ضوابط علاقة المتعاملين بالله (مبدأ الاستخلاف)


o       المال مال الله، والإنسان مستخلف فيه. فالإنسان  أمين على ما سخره الله في دنياه لمنفعته وفى ذلك بقول الله عز وجل: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة.. لم سورة البقرة آية (۳۰) ، وقوله تعالى: ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض )  سورة الأنعام 

o      حرية الإنسان في هذا الاستخلاف تكون بإعمال فكره لتطوير أساليب استقلال الموارد التي انعم عليه بها الله عز وجل بما لا يخرج عن القيم والضوابط الاسلاميه التي شرعها الله ووجوه الإنتفاع وطرق الكسب في إطار ما شرعه الله ، واداء الامانه التي استخلفه الله عز و جل فيها

o      يجب الالتزام بالإنفاق والكسب وفق الشريعة، مثل إخراج الزكاة. قال تعالى  ( وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 

2.      ضوابط علاقة المتعاملين بالكون (إعمار الأرض)

o         يجب السعي لتنمية الموارد وعدم الإفساد.

o        قال تعالى{هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61.

o          وأنه سبحانه وتعالى سخر ما في السموات وما في الأرض لخدمة الإنسان وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ) سورة الجانية (١٣)

o        الهدف من قيام الإنسان بالنشاط الاقتصادي ليس فقط في إشباع حاجاته المادية ولكن في إعمار الأرض وتنميتها لينعم بخيراتها ، و هذا واجب على الامة الاسلامية . لقد استوعب المسلمون الأوائل هذا الدور لذلك كانوا حريصين على القيام بالعبادات على أكمل وجه و كانوا بناة حضارة ، امتدت من المشرق للمغرب وشملت كل العلوم و جميع المجالات.

3.    ضوابط تحكم سلوك المستهلك والمنتج ( أي ضوابط تحكم قيم و مفاهيم الوحدات الاقتصادية )


o    وضع ضوابط على سلوك المستهلك: الاعتدال في الإنفاق، قال تعالى:  وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا.


o    وضع ضوابط على سلوك المنتج: عدم الانشغال بالتجارة عن العبادة، قال تعالى:   رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ )

o          هذه الآية تضع دستور لسلوك الوحدة الاقتصادية (التجار) ، تؤكد على مفهوم التوازن في الاسلام و الوسط بين القيام بالنشاط الاقتصادي و مراعاة الضوابط الاسلاميه ، بين السعى التحقيق الأهداف الماديه و الاهداف المعنوية ( متمثله في مرضاة الله ) .

o       في البدايه ربط بين القيام بالنشاط الاقتصادي و ذكر الله ، و ذلك حتى يراقب المسلم نفسه ويحاسبها وهي تمثل الرقابة الذاتية حتى لا يخرج النشاط الاقتصادي عن الضوابط والقيم الاسلاميه، ثم أكد على هذه الرقابة باقامة الصلاة، و اخيرا ذكر الزكاة ليؤكد على الارتباط بين القيم الاسلامية و الواقع الاقتصادي للمجتمع فبعد أن يحصل المنتج على الربح عليه أن يتذكر المسئولية تجاه المجتمع و يؤدى ما عليه وفقا لما جاء في النص، وبذلك يحقق التوازن بين الهدف المادى (الربح) و الهدف المعنوى ( رضاء الله ) من خلال الزكاة و الارتباط المباشر بين الحصول على الربح و دفع حق الله و حق المجتمع فيه و هي معالجة فريدة اختص بها الاسلام عن المجتمعات و النظم الأخرى.

o                                           

ثانيًا: ضوابط تحكم النشاط الاقتصادي نفسه


1.       الابتعاد عن المحرمات (الربا، الغش، الاحتكار).

2.     التراضي في المعاملات.

3.      تحقيق العدالة في الأسعار (سعر المثل).

4.     توجيه السوق لخدمة الحاجات الحقيقية وليس الربح فقط. ( أي أن - السوق الاسلامية ستوجه اساسا لاشباع الحاجة الفعالة و ليس الطلب الفعال ، الربح يرجع إلى عامل المخاطرة ، و ان السوق تخضع لقواعد تنظم التعامل التجاري تستمد اسمها من فقه المعاملات. )

 


ثالثًا: دور الدولة في ضبط النشاط الاقتصادي ( ضوابط تقع على الدولة )

·        إقامة العدل: تطبيق الشريعة في المعاملات.

·        الرقابة على الأسواق: منع الغش والاحتكار.

·      التكافل الاجتماعي: توفير الضمان للمحتاجين.

·    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال تعالى:   الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ)

·      حينما هاجر الرسول من مكة الى المدينه وضع نواة الدولة الاسلامية ، كان أول ما فعله بناء المسجد و بني بجواره السوق، و بدأ فى ارساء دعائم الدولة الاسلامية التي تقوم على الشورى و العدالة والتكافل ، بذلك قام بابلاغ الرسالة السماويه ونشر الاسلام و قام ببناء الدولة الاسلامية ، و من الاعجاز انه استطاع خلال فترة وجيزه ان يحول المجتمع من مجتمعات قبليه متفرقه ليس لها اى مقومات للتطور او للحضارة ، الى دوله وحضارة انارت العالم ونشرت الاسلام ، و هذا في حد ذاته يمثل اعجاز بالمفهوم الاقتصادي الحديث .

خاتمة

يتميز الاقتصاد الإسلامي بدمج القيم الأخلاقية مع النشاط الاقتصادي، مما يضمن تحقيق التوازن بين المصالح الفردية والمجتمعية. ومن خلال الالتزام بمبادئ الاستخلاف، وإعمار الأرض، والعدالة، يمكن بناء نظام اقتصادي عادل ومستدام يحقق رضا الله وتنمية المجتمع.

 

أسئلة وأجوبة حول التيار الدائري للنشاط الاقتصادي في الإسلام

    1 . ما هي القطاعات الرئيسية في التيار الدائري للنشاط الاقتصادي الإسلامي؟

الإجابة: يتكون التيار الدائري للنشاط الاقتصادي الإسلامي من ثلاثة قطاعات رئيسية:

  • القطاع العائلي: يملك عوامل الإنتاج (أرض، عمل، رأس مال) وينفق دخله على السلع والخدمات أو يدخره.
  • قطاع الأعمال: يستخدم الموارد لإنتاج السلع والخدمات وبيعها للأفراد.
  • قطاع الحكومة: يجمع الإيرادات العامة وينفقها على المشروعات الخدمية والاجتماعية.

  .2 ما دور القطاع العائلي في الاقتصاد الإسلامي؟

الإجابة:

  • يقدم عوامل الإنتاج (أرض، عمل، رأس مال) لقطاع الأعمال مقابل عوائد مالية (إيجار، أجر، أرباح).
  • ينفق دخله على شراء السلع والخدمات أو يدخر جزءًا منه.
  • يستفيد من الخدمات الحكومية مثل المشروعات العامة والضمان الاجتماعي.

   3 . كيف يتفاعل قطاع الأعمال مع القطاعات الأخرى؟

الإجابة:

  • يوفر السلع والخدمات للقطاع العائلي مقابل إنفاق استهلاكي.
  • يتلقى الدعم والخدمات من الحكومة مثل البنية التحتية (طرق، كهرباء، مياه).

   .4 ما هي مسئوليات القطاع الحكومي في الاقتصاد الإسلامي؟

الإجابة:

  • تحصيل الإيرادات العامة (مثل الزكاة والضرائب الشرعية).
  • توفير المشروعات الخدمية (طرق، كهرباء، مياه).
  • تقديم الدعم لقطاع الأعمال لتعزيز الاقتصاد.
  • ضمان التكافل الاجتماعي وتوفير السلع الأساسية عند عجز السوق.

  5.    ما المقصود بمبدأ "الاستخلاف" في الاقتصاد الإسلامي؟

الإجابة:

  • يعني أن المال مال الله، والإنسان مستخلف فيه.
  • يجب على الفرد والمؤسسات التصرف في الأموال وفق الضوابط الشرعية، مثل إخراج الزكاة والإنفاق في وجوه الخير.
  • قال تعالى{وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].

  6 .  ما هي الضوابط الأخلاقية لسلوك المستهلك في الإسلام؟

الإجابة:

  • الاعتدال في الإنفاق وعدم الإسراف أو التقتير.
  • قال تعالى:  وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا

7. هي الضوابط الأخلاقية لسلوك المنتج أو التاجر في الإسلام؟

الإجابة:

  • عدم الانشغال بالتجارة عن العبادة وذكر الله.
  • الابتعاد عن الغش والاحتكار والممارسات المحرمة.
  • قال تعالى{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37].

 8 .   ما هي مسئوليات الدولة في الاقتصاد الإسلامي؟

الإجابة:

  • إقامة العدل ومنع الظلم في المعاملات.
  • الرقابة على الأسواق لمنع الغش والاحتكار.
  • تطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي عبر توفير الضمان للمحتاجين.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ} .

   9 .  كيف يحقق الاقتصاد الإسلامي التوازن بين الأهداف المادية والمعنوية؟

الإجابة:

  • بربط النشاط الاقتصادي بالقيم الإسلامية مثل الزكاة والإنفاق في سبيل الله.
  • بتحقيق العدالة في التوزيع ومنع الاستغلال.
  • بمراعاة مصلحة المجتمع مع تحقيق الربح المشروع.

  10.   ما الفرق بين السوق الإسلامية والسوق التقليدية؟

الإجابة:

  • السوق الإسلامية: تهدف إلى إشباع الحاجات الحقيقية بضوابط أخلاقية (الابتعاد عن الربا، الغش، الاحتكار).
  • السوق التقليدية: قد تركز على الربح فقط دون ضوابط أخلاقية أو اجتماعية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم